مواليد ذوق مكايل 1950. issam zgheibBold text
- عضو جمعية المؤلفين والملحنين وناشري الموسيقى في لبنان.
- أشعاره موزعة هنا وهناك, جمع بعضاً منها في كتاب "اول انا و اخر انا".
- أقام الكثير من المهرجانات الوطنية, وكتب الكثير للوطن وللجيش.
- اهتم بالأغنية اللبنانية وغنّى له أكثر من فنان من بينهم وديع الصافي ونجوى كرم في الأغنية الشهيرة "وكبرن".
- أسّس مجلة "كسروان" منذ 25 سنة, وقد صدر عددها الرقم 100 قبيل وفاته. وكان يعقد العزم على افتتاح إذاعة تحمل اسم "كسروان" أيضاً في 22 تشرين الثاني 2003, احتفالاً بذكرى الإستقلال وبمناسبة مرور 25 سنة على صدور المجلة.
- من أحلامه, جمع فناني لبنان كلّهم على مدارج قلعة بعلبك لإنشاد النشيد الوطني فقط.
.. ولكنه رحل قبل تحقيق الحلم.
يستمر النقاش محتدماً, الحوار الحاد هو العنوان وهو البيان. يحتدم النقاش وتتسابق الكلمات لديه, إنه يلصق الواحدة بالأخرى خشية أن يغتنم محاوره الفرصة, فرصة يحدثها أي سكوت أو "أخذ نفس", وأن يطلق رداً أو يلتقط مبادرة منبرية. عند ذاك يجد أن عليه "حياكة" الحروف بسرعة. لا داعي للتطريز والزخرفة. يجب أن تكون العباءة كبيرة, ويجب أن ينتهي إنجازها. الآن. إنها عباءة "الريادة" حتى لو علقت على المشجب هناك. المهم أن تكون موجودة, فالجميع تحت سقف الصداقة هنا, وبإمكان كل واحد أن يتوشّح بها إن أراد, شرط إعادتها لصاحبها عند اللزوم: "اسمحوا لي فيها. ايه أنا, كلمتي على راس السطح. ما بستحي. اللي بدي قوله بدي قوله. حتى لو ما قدرت أعمل شيء. وحلّها إن كان فيك تحلّه". ويقبّلك في الختام, ويدلّك الى عنوان مكتبه داعياً لمتابعة الحوار... أنا الآن أرغب في ذلك, لكن... هيهات!
عصام زغيب قبل الرحيل
تفتش عنه في اختلاف واتفاق, فتحيا في وضوح الرأي وحدّة الحوار. محاور يجتهد في إقناعك, ولا ينفكّ مصعّداً حجته رافعاً صوته, كما أنه لا يتخلّى عنك إلاّ عندما يلاحظ أن عينيك مقتنعتان, وأنّ أذنيك راضيتان, وأن يديك مستجيبتان. لكنّه يترك لأعماق وجدانك حرية القرار, فهو أيضاً قد يعيد النظر في ما يقول, ويبلغك ذلك, ويشرح لك الأسباب والدوافع, ويطلب إليك أن تمضي معه في الرأي الجديد المخالف, فالحقيقة ليست مطلقة لديه, وما نشعر به اليوم قد لا نشعر به غداً, لكن علينا في كل مرة أن نعبّر عما نشعر به من دون مواربة. إن الصدق هو المطلق, وإن الوضوح هو اللون الذي يدوم. يبدأ حديثه معك وهو بكامل الأناقة. أزراره عند نهاياتها, وثنايا سترته في محطاتها, لكن, لا بد للحديث أن يحتدم خصوصاً إن أنت عاندته أو ناقشته, أو حتى إن وافقته في إعتدال من دون أن تتهوّر معه أو تنهار وإياه, عندها ينزع السترة "الفوقى", يلقي بها في أي مكان, وقد تضيع وقد يدعو الجميع لاحقاً الى مساعدته في التفتيش عنها. ياقة العنق الحمراء هي الأخرى يفكّها, يضعها على الكتفين, ويقف رافعاً يديه مقسماً بربّه لإقناع جيرانك في الجلسة بعد أن يحسب أنه أقنعك. يرمي اليدين على الطاولة ضارباً, يشعر بشيء ثقيل على كتفيه, يرفع عنهما كل شيء. يترك صحن طعامه ويمضي الى جهة بعيدة من المائدة, يترك الكأس أيضاً وهو عزيز لديه, فيتبعه النادل حاملاً إليه أشياءه. يضيّعه. أين هو؟ إنّه لا شك حيث يعلو الصوت ويحتدم النقاش. لا يستلم الكأس: "أتركه هونيك يا ابني. أنا راجع. شو شفتني مسافر؟".
عصام المحب حتى العشق الشديد, آلمنا غيابك كثيراً, وخطاباتك الشعرية لا تزال محفوظة في أذهاننا وأنت تسود المنبر وتسوس الميكروفون وتسيطر على الجمهور. يا صاحب المبادرات, نقول إننا في الجيش أحببناك. لقد كنت لنا قيمة كبيرة, وكنا نعد أنفسنا بعطاء كثير منك, كنا ننتظر موعد اللقاء كي نتمتع بالنقاش معك, وصيد القصائد منك, لكنك رحلت يا عصام ولم تطلعنا على باقي القصائد. لم تغب يا عصام, إنك دائماً حاضر بيننا, تركت الكثير من الذكر الطيب, والكمال الحسن, فإلى رحمة الباري الواسعة يغمرك بها. رحمة الله عليك يا عصام.
إنسان كبير بالمعنى الإنساني, محب عطوف ليس للحقد عنده مكان ولا للمصالح الشخصية حيز يذكر. كان يحب الناس كل الناس, وفي مناسبات طالما يخلقها لأنه كان يرى في اجتماع الناس طريقاً لتحقيق الأهداف الوطنية. كان للجيش موقع أساسي في نفسه, فلقد اعتبره رمزاً للعمل الوطني, وكرس كل ما عنده في سبيله لأنه رأى فيه الأمل المرتجى. قبل أيام, وفي اتصال مع عصام, تواعدنا على الإحتفال بالإستقلال, ووعدني بقصيدة جديدة للمناسبة, بدأ يفكر فيها, بدأ كتابتها, لكنه غاب ولم أعرف إن كان أنهاها أم لا. لا يمكننا أن نهرب من أننا خسرنا في عصام زغيب الكثير. شخصياً فقد أصدقاؤه جزءاً هاماً من مجالهم الفكري في الشعر, إذ كانوا كلما تحدثوا في شعر الأغنية ذكروا عصام زغيب أو اتصلوا بعصام زغيب. ألم فقدان عصام ألم شخصي حاد أصاب المحبين, وهزة أصابت كل معارفه. خسر الشعر الكثير بغيابه والأغنية اللبنانية هي أمام خسارة فادحة يصعب تعويضها. وكسروان خسرت علماً من أعلامها. كانت موطنه ومجاله فنشر مجلة باسمها, ثم همّ بإنشاء إذاعة باسمها أيضاً. كان دائماً يفخر بكسروان من البحر الى أعالي الجبل. كان يصر ويؤكد أن افتخاره بها ينطبق على الوطن. كان يريدها جزءاً منه طليعياً في خدمة البلاد كلها. لا يمكن أن نخفي ما كان يدور في شعورنا عندما كنا نلتقي عصام. كنا نفتش عن سؤال نطرحه عليه, وعن موضوع ينطبق عليه, كنا "نتحركش" بفكره وشعره. لقاؤه كان يعني الكثير, وكم تنوّعت فيه الأحاديث, وغالباً ما كنا بعده نردّد ما قال عصام وما فعل عصام, وما رأى عصام. نعمم ذلك على مجالسنا ونحن فخورون بأننا التقينا عصام وسهرنا معه.
تلَقّي نبأ غياب عصام زغيب, مفاجأة. إنه صديق الناس الصريح, لا يخفي شعوره, يعبّر وينفعل. متمكن من الكلمة, تتحرك بين شفتيه, يختارها من هنا وهناك فيسكب شعراً صادقاً فطرياً قوي التعبير صارخ الدلالة. عصام المزاج الواضح الشفاف يفرح فيعبّر عن فرحه علناً, يغضب فيعبّر عن غضبه علناً, لا يخفي فرحاً ولا غضباً ولا إعجاباً ولا انتقاداً. سُرّ منه الكثيرون وتضايق منه كثيرون, مع ذلك احتفظ بتقدير الجميع لشخصه ولشخصيته. عصام سيد الكلمة وملهم اللحن. اجتمعت في شخصيته ثقافة الشاعر الفطرية ومعارف الأديب المكتسبة, والروح الوطنية العالية, فقد كان يعشق لبنان الوطن عشقاً كبيراً ويحب الدولة حباً جماً. اختصر كسروان في مجلة وقصيدة ولحن, من ساحلها في بلدته ذوق مكايل الى جردها في حراجل. نظّم المهرجانات في المناسبات الوطنية: عيد الجيش, عيد الاستقلال, الذكرى المئوية للرئيس شهاب, سنوية مجلة كسروان... كان مع الفنانين وكانوا معه يقوّم انطلاقتهم ويرفدهم بالكلام المعبّر لينشدوه أمام الناس. برع في وصف المشاعر, وما زال وصف المغرومة على كل شفة ولسان: "عم يرجف قلبي يا أمي وماني بردانه...". كتب للفنانين الأغاني, وتبنى الأعمال, وأرشد الى الطريق الق�".