Draft:كل هذا الهراء

رواية كل هذا الهراء

edit

مقدمة

edit

كل هذا الهراء، هي رواية للكاتب المصري عز الدين شكري فشير، نشرت في القاهرة سنة 2017، عن طريق دار الكرمة للنشر، وقد نفذت طبعتها الأولى خلال أيام معدودة. تأخذ هذه الرواية القارئ في رحلة عبر تفاصيل فترة حاسمة في تاريخ مصر الحديث، حيث تُعرض أحداثًا واقعية امتدت على مدى الست سنوات التي تلت الانتفاضة. تتناول الرواية قضايا اجتماعية وسياسية شديدة الحساسية. يبدأ الكاتب فشير روايته بإهداء يُكرّم فيه شهداء "مذبحة الألتراس" في بورسعيد عام 2012، بالإضافة إلى تكريمه لضحايا السنوات الخمس الماضية والسجناء، معبّرًا عن أمل في يوم يزول فيه السجن الكبير وتتحقق الحرية.

يواصل الكاتب المصري عزالدين شكري فشير، بعد نجاح روايته السابقة "باب الخروج" التي تخيلت سيناريوهات ما بعد انتفاضة 25 يناير 2011، استكشاف العلاقة بين الواقع والخيال السردي في روايته الجديدة "كل هذا الهراء". يستعرض فيها أحداثًا واقعية جرت تفاصيلها على مدى السنوات الست التي تلت الانتفاضة من خلال وجهتي نظر مختلفتين، متناولاً قضايا اجتماعية وسياسية حساسة.[1]

ارتباط الرواية بالثورة المصرية

edit

الرواية ترتبط بشكل وثيق بالثورة المصرية، حيث تعتمد على قصص مستوحاة من أحداث حقيقية شهدتها مصر بعد الثورة. من خلال تسجيلات عمر وأمل، اللذان كانا جزءًا من الحركة الثورية، يعكس فشير الصراع الداخلي والخارجي الذي واجهته الشخصيات، وكيف أثرت الثورة بشكل جذري على حياتهم. الثورة في الرواية ليست مجرد خلفية للأحداث، بل هي المحور الذي تدور حوله حياة الشخصيات الرئيسية.[2]

أحداث الرواية

edit

تتناول الرواية ثوار يناير من خلال تقسيمهم إلى أنماط متنوعة، مما يتيح للكاتب استكشاف دوافع الثورة ومصير الثوار بعد الهزيمة. عنوان الرواية الأصلي هو: "أمل وعمر في الفراش"، حيث يتناولان هذان البطلان فترة قصيرة جداً زمنياً، تمتد من منتصف الفراش حتى حافته، وتدور أحداثها في غضون 24 ساعة موزعة على ثمانية فصول. تركز الرواية على رحلة "أمل مفيد"، البطلة المصرية الأمريكية، التي تُغادر إلى نيويورك بعد قضائها عامًا في السجن؛ بتهمة تمويل المنظمات الأجنبية في مصر، مما يبرز التوترات والصراعات التي واجهتها خلال تلك الفترة الحرجة. تلتقي أمل بعمر، سائق التاكسي البسيط، الذي يدعوها الى شقته حيث يقضيان ليلة واحدة يتبادلان فيها أحاديث الساعة كلٌّ من وجهة نظره. خلال سرد الشخصيات للأحداث تظهر الأحداث الحقيقية التي شغلت الناس في فترة ما قبل كتابة الرواية، مثل حكاية الشبان الثلاثة الذين قتل اثنان منهم في مذبحة بورسعيد، وحكاية الفتاة التي ناضلت ضد التحرش الجنسي وأصبحت ضحية له فيما بعد. حيث يستخدم فشير أحداثًا حقيقيّة مثل هذه القضايا الخاصة وتلك الأكثر عموميّة، مثل قضية التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني، وفض اعتصام ميدان رابعة العدوية، ليرويها من وجهة نظر الشخصيّتين.[3]

شخصيات الرواية

edit

أمل مفيد: تمثل شخصية أمل نموذجًا للناشطة الحقوقية التي وجدت نفسها محاصرة بين انتمائها الوطني وبين واقع سياسي قمعي لا يتسامح مع أي نوع من المعارضة. وهي ابنة ضابط مصري هاجر إلى أمريكا، حيث عمل في مجال نظم التشغيل حتى وفاته المفاجئة. تعيش أمل أزمة هوية بين كونها مسلمة مصرية وأمريكية متحررة. عندما بدأت ثورة 25 يناير، رأت فيها فرصة لتعريف هويتها، لكن الثورة لم تلبِّ آمالها. في الرواية، ترمز أمل إلى فئة من الثوار الذين انتهى بهم الحال إما مهاجرين، أو محبطين، أو هاربين. هذه الشخصية تحمل في طياتها تعقيدات نفسية وتناقضات بين رغبتها في الإصلاح الاجتماعي وبين شعورها بالاغتراب والعزلة.

عمر: يمثل عمر صراع الإنسان البسيط مع الظروف القاسية التي فُرضت عليه، فحياته مليئة بالندوب الناتجة عن العنف المجتمعي والخيبات المتكررة.  حيث نشأ في مزرعة تابعة لتنظيم القاعدة في السودان بعد تورط والده مع التنظيم. هرب إلى مصر وشارك في ثورة يناير. من خلال قصصه، يعكس عمر تجارب الجيل الذي تورط مع التنظيمات المتطرفة، ثم التحق بالثورة بحثًا عن التغيير.

الثلاثي: وائل، محب، وتامر: ثلاث شخصيات تمثل تنوع المجتمع المصري. حيث يلتقون في ميدان التحرير خلال الثورة، وتجمعهم روح التحدي، لكنهم يواجهون نهاية مأساوية تعكس خيبة أمل الثورة.[4] [5]

وائل: طالب فقير يدرس في كلية التجارة.

محب: مهندس برمجيات مسيحي، خريج جامعة ستانفورد.

تامر: محامٍ من الطبقة الوسطى، يعمل في مجال البرمجيات.

خلفية وأسلوب الرواية

edit

الرواية كُتبت على خلفية أحداث الربيع العربي وثورة الخامس والعشرين من يناير، فشير يسلّط الضوء على الحياة اليومية للمواطنين. وقد قام باختيار أسماء (امل وعمر) عنوانا لروايته، وهي أسماء شعبية في مصر، تحاكي لغة المجتمع المصري العام، حيث أراد فشير أن يجعل الشخصيّات على  علاقة مع القرّاء المصريين عامّة بدون علاقة لانتماءاتهم السياسية والمجتمعيّة.

الأسلوب المستخدم خلال الرواية لا يخلو من الألفاظ النابية الجريئة. هذا بالإضافة الى الوصف الدقيق والمفصّل للأجساد والأفعال. في مقابلة مع عزّ الدين فشير، قال ان اختياره لهذه الألفاظ كان بهدف ملائمة الكتابة للعقليّة المصريّة في ذلك الحين. حيث قال ان الشعور بالتحرر من كافّة القيود كان هو الشعور المسيطر على تفكير الكاتب والمجتمع، الذي أراد الثورة على كلّ القيود، لا سيّما القيود في استخدام الألفاظ. يقول الكاتب أن هذا من شأنه إظهار تأثير الثورة على الأفراد البسطاء وعلى التفاصيل الدقيقة، حتى في الألفاظ المستعملة لديهم، وليس فقط على الواقع السياسي المصري.

يستخدم فشير أسلوبًا ساخرًا وحادًا ليعكس تناقضات الواقع السياسي والاجتماعي في مصر بعد ثورة يناير. من خلال توظيفه للغة رمزية وإشارة غير مباشرة، مثل تسميته للأعضاء التناسلية بـ "تلك التي يحبس القاضي من أن أن يذكر اسمها صراحة"، الأمر الذي يؤكّد إلى محاولة الكاتب انتقاد ظاهرة الرقابة الصارمة وحرية التعبير المحدودة، في إشارة إلى واقعة حبس الكاتب أحمد ناجي والذي سُجن بسبب روايةِ كتبها.

بالإضافة إلى ذلك، فشير يسلط الضوء على الانقسامات والاختلافات بين الثوار من خلال تقسيمهم إلى أنماط مختلفة، مما يعكس تعددية الدوافع والتجارب بين المشاركين في الثورة. هذا التحليل يعكس التشاؤم واليأس اللذين أصابا الكثيرين بعد فشل الثورة، خاصة مع تسليط الضوء على مصائر الشخصيات التي ترمز إلى الثورة نفسها، مثل "أمل مفيد"، التي تجسد الأمل المهزوم، حيث تقضي 24 ساعة مضطربة قبل مغادرتها مصر بعد تجربة مريرة في السجن.[6]

نقد الرواية

edit

الرواية تمردت على الكثير من المحرمات الاجتماعية والسياسية. تناولت مواضيع مثل الفساد، الاستبداد، العنف الجنسي، والمثلية، وناقشتها بجرأة نادرة في الأدب العربي. فشير لا يخشى أن يضع كل شيء تحت الضوء، محاولاً تسليط الضوء على الجوانب المسكوت عنها في المجتمع، وبهذا يتحدى التصورات التقليدية حول ما هو مقبول أو غير مقبول في الأدب. وعلى الرغم من أن الرواية تميزت بجرأتها في تناول المواضيع الحساسة، إلا أنها قد تترك القارئ في حالة من الإحباط بسبب وصفها للتشاؤم واليأس المتفشّي في المجتمع المصري. فالشخصيات تبدو غالبًا كأنها ضحايا لقوى لا يمكن التصدي لها، وهو ما قد يثير استياء بعض القراء الذين يتطلعون إلى رؤية الأمل والانتصار في الأعمال الأدبية.

من الناحية الأخرى رأى البعض أن التعابير النابية في الرواية، والشجاعة التي اتصف بها عز الدين فشير، قد ضرت في قيمة العمل بشكل خاص والأدب المصري بشكل عام. حيث قال البعض أن الرواية لا تصلح لمجتمع محافظ كالمجتمع المصري. الأمر الذي دعي فشير الى تأكيد أهمية ورسالة الرواية، والتي برأيه تعتلي على القيم الزائفة التي يحاول الكتّاب التحلّي بها، بل وتضيف الواقعية إلى كلام الشخصيّات وأحداث الرواية.

References

edit
  1. ^ "كل هذا الهراء، عزالدين شكري فشير (مصر)، رواية - موقع اللغة والثقافة العربية". langue-arabe.fr. Retrieved 2024-08-29.
  2. ^ ""كل هذا الهراء" لعز الدين شكري فشير .. حكايات سخرية وألم من الميدان". www.al-ayyam.ps (in Arabic). Retrieved 2024-08-29.
  3. ^ ""كل هذا الهراء".. ثورة مصر وأبطالها سرديا". الجزيرة نت (in Arabic). Retrieved 2024-08-29.
  4. ^ ""كل هذا الهراء".. ثورة مصر وأبطالها سرديا". الجزيرة نت (in Arabic). Retrieved 2024-08-29.
  5. ^ ""كل هذا الهراء" لعز الدين شكري فشير .. حكايات سخرية وألم من الميدان". www.al-ayyam.ps (in Arabic). Retrieved 2024-08-29.
  6. ^ ""كل هذا الهراء".. أحدث الروايات عن مصر بعد ثورة يناير | إرم نيوز". eremnews.com (in Arabic). Retrieved 2024-08-29.