Draft:الدكتور محمد الكرماني

الدکتور محمد صادق الكرماني ولد في العراق، وتحديداً في مدینة النجف الأشرف عام 1947م. انتقل مع عائلته إلى بغداد عام 1952م. أکمل دراسته الابتدائیة في مدرسة الرافدین، والمتوسطة في النظامیة، وأکمل الثانویة في الإعدادیة الشرقیة ببغداد. دخل کلیة الطب عام 1966وتخرج فيها طبیباً عام 1972.عُین کطبیب في قضاء عانة، ثم انتقل إلی مستشفى الکرامة ببغداد.

ترك العراق

ترك العراق ـ لظروفٍ قاهرة ـ مهاجراً إلی سوریة أوائل عام 1979 باحثاً عن أرض ينعمُ فیها بالأمان. لم تتوفر له فرص العمل هناك، فترك دمشق الی الامارات العربیة المتحدة وقضی سنوات عمره المثمرة متنقلاً بین دمشق وطهران والامارات والکویت. ما كان بدیناً أیام طفولته، بل العکس فقد کان نحیفاً، وکان والده رحمه الله یُراجع به الأطباء باحثاً عن أسباب نحافته دون جدوی.

من اي بدء فكرة غصن البان

عندما أكمل دراسته في كلية الطب عام (1972) كان وزنه في ذلك الوقت (82 كغمً)، وطوله (186 سم)، وعمره (25 عاماً). ويبدو أنّ نموه الطولي کان قد توقّف، لتبدأ رحلة النمو العرضي المشؤوم وتمضي السنوات ووزنه آخذ في الارتفاع، وكان غافلاً عمّا يكنّه له هذا الضيف الثقيل. لم يمض على تخرّجه أكثر من (20 عاماً)؛ أي في عام (1992م) أهدى له زیادة وزنه أوّل هداياه المشؤومة بصورة ارتفاع في ضغط الدم، وبدأ بتناول الأدوية اللازمة، وما هي إلّا أشهر قلائل حتى وجد نفسه راقداً في وحدة إنعاش القلب.ومرّت أشهر عجاف ليتلقّى نتيجة الأعراض المرضية لزيادة الوزن هديته الثانية.. عجز في القلب، لتضيف هذه الأخيرة إلى مصائبه مصيبة جديدة، ولآلامه ألماً آخر، وللأدویة التي يلتهمها دواء آخر. وبحلول عام (1994م) أصبح وزنه (108 كغم) وعمره (47 عاماً)، بدأ يشعر وهو يرتقي سلالم الطوابق الثلاثة التي توصله إلى مكان عمله في عيادته الطبية بالحاجة إلى التأنّي في الصعود... والتوقف بین الطوابق... وعند وصوله إلى غرفته كان بحاجة إلى دقائق من الوقت ليستعيد أنفاسه. قبل أن يبدأ باستقبال المرضی. كل هذه الأُمور دعته لإعادة النظر في الأسباب الكامنة وراء هذا التدهور الصحي السريع، وأخيراً عرف السبب الحقيقي.. ووقع على أصل الكارثة والبلاء.. إنّه الأُخطبوط المرعب، والمارد القاتل الذي يترصّد لسلامة وصحة حوالي أکثر من ثلث نفوس کرتنا الأرضیة... ويشغل بمضاره، ومشاكله، وتبعاته أكثر من نصف المستشفيات في العالم.

السمنة

السمنة ولا غير التي تنزل بأناملها السحرية البلاء على رؤوس الذين يفتحون صدورهم ـ أو في الحقيقة بطونهم لضيافتها.. صمّم جدياً محاربة هذا الغول مهما كلف الثمن، لكنّه لم يعرف حينها الوسيلة الناجعة للقضاء عليه. فمضى باحثاً عن الطرق الموصلة للهدف الذي يرنو إليه، وبدأ يبحث ويطالع مطالعات واسعة في علم التغذية، وبعد مطالعة وقراءة عشرات الکتب عثر على ضالّته. لم يكن السلاح الذي عثر عليه سوی حِمیة الأغذية التي نظّمها وكتبها بدقّة متناهية، لتساعده على القضاء المبرم على هذا الضيف الثقيل. أعطى قائمة الحِمیة الغذائية لزوجته، وكلّه أمل بأنّ هذه الحِمیة الغذائية ستضع حدّاً للأضرار الناجمة عن السمنة التي عان منها الأمّرين، وصمّم أن يكون هذا اليوم هو اليوم الأوّل للصراع مع النفس الأمّارة ، عاد عند الظهيرة للبيت متعباً من عمله الشاق في عيادته، كانت زوجته قد أعدّت وجبة الغذاء كل طبقاً للبرنامج الذي حدّده لها، وضعتْ الغذاء المحدود أمامه، وكانت الكميّة أقلّ بكثير ممّـا كان يتناوله يومياً، ولو كان غيره قد كتب له هذه الحمية لنال منّه اللعن والسباب.

ماهي نظام غصن البان

ولكن ما العمل؟ فهو من كتبها، فما كان منّه إلّا أن قال: « إنّا لله وإنّا إليه راجعون »، وبدأ بالأكل، لم تمض إلّا دقائق معدودة، حتى رأى الصحن أمامه فارغاً. فقد نسفه نسفاً وتركه قاعاً صفصفاً. ما الحيلة؟ إنّه لازال يشعر بالرغبة المُلحّة للأكل، النفس الأمّارة تدعوه للاستمرار. والعقل يدعوه للانسحاب... فقد صمّم على: ۱- أن يضع قائمة حمیته أمامه دائماً على المائدة؛ لکي لا يتجاوز المقادیر التي حددها لنفسه. ۲ – الاستعانة بالقسم، وذلك بأن يحلف بالله أن يتبرع للفقراء بكذا مبلغ نقدي إذا خالف الحمیة، على أن يكون المبلغ كبير نسبياً؛ لتقوية إرادته والسيطرة عليها. ۳- أن يُحدد مکاناً خاصاً في البیت لتناول الطعام، والأغذیة المتفرقةُ، غير المطبخ أو قرب البرّاد (الثلاجة)، أو قريباً من علبة الحلوی الموجودة في غرفة الاستقبال، ومن المکسرات التي أخفتها زوجته عنه في زوايا البیت، وغياهب الصناديق والخزائن. فحدد لنفسه مکاناً ثابتاً في غرفة الطعام، وقرر ان لا يأكل شيئاً إلّا هناك فعلی فرض أنه أحبب أن يتناول نوعاً من الفاكهة، فکان یجب عليَّه أخذها والذهاب بها إلی غرفة الطعام ليتناولها هناك ويعود الی حیث کان. 4 ـ أن يتخلّص من أکل ما لم یکن في حمیته من طعام إضافي تأكله العائلة، لذا اشترى صحناً من الصحون الخاصة بالمستشفیات والمعسکرات، مقسّم إلى عدة مقاطع؛ لکي يضع فیه کل ما یجب تناوله في وجبته الخاصة؛ لکي لا تتطاول یده الی غیرها ممّا هو موجود على المائدة علی الإطلاق. 5 ـ أن يتناول الطعام بملعقة صغیرة (ملعقة کوب). ومع الاستعانة بالقرارات الجديدة والصارمة، فلم تمض إلّا أشهر أربعة حتى وجد نفسه واقفاً على كفّة الميزان؛ لينظر أمامه الرقم السحري الذي طالما كان يرنو إليه، ويحلم به...

هل يمكن النتيجة

نعم، رأى بأُمّ عينيه الرقم (88 كغم) يتلالأ أمامه في الميزان.. بعد أن كان الرقم (108) يتربّع عليه بكُل اُبهة واختيال لسنين عجاف لم يرى فيها سوى التدهور والانحطاط. نعم، لقد استطاع وبکل سهولة من تخسیس (20 كغم) من وزنه، عندها أحسس بزهو النصر يغمره، و هو ينظر إلى الميزان، ليجد هذا الرقم المحبوب الذي كان في حسرة رؤيته منذ سنوات.. إنها ساعة اللذّة الحقيقية، إنّها لحظات نشوة النصر التي يشعر بها الإنسان، وهو يتغلّب بقوى العقل على عساكر النفس والهوى. نعم، استطاع وبكل سهولة تخفيف (20 كغم) من وزنه، كان ذلك الانتصار في أواخر عام (1994م). عندها نقل أفکاره التي دوّنها إلی الحاسوب، فولد منه حِمیة (غصن البان) التي يضعها بین أیدیکم لتبلغوا ما بلغ من السلامة والسعادة والرشاقة التي يتمتّع بها اليوم.

References edit